المسألة الطائفیة لا نعنی بها التعددیة المذهبیة، فهذه التعددیة حالة طبیعیة وإیجابیة ومشروعه، بل نعنی هذا التعصّب المقیت الأعمى الذی یستهدف إلغاء الآخر وتصفیته. وهذا هو وراء ما نشهده من صراع تُسفک فیه الدماء وتُدمّر فیه المنشآت وتُنتهک فیه الأعراض، وهی ظاهرة تخلّف لابدّ للإحیائیین والحضاریین أن یهبّوا لمواجهتها والوقوف بوجهها بمعزل عن انتمائهم المذهبی والقومی.هذه الحالة تعنی فقدان الأهداف الکبرى وضیاع المقاصد الإسلامیة وخلوّ أرواح الداخلین فی غمار هذا الصراع من العاطفة الإنسانیة والتربیة الإسلامیة وفهم مرامی الشریعة...
النص الكامل
هذا العدد
«ثقافتنا» متخصصة فی دراسة الاستئناف الحضاری لأمتنا الإسلامیة بما یتناسب مع مستوى العصر، إنه هدف إحیائی کبیر، یدفعنا إلى أن نتطلع إلى المستقبل. لکنّ الانشداد إلى المستقبل لا یستطیع أن یشغلنا عن النظر إلى واقعنا بکل سلبیاته وإیجابیاته.
الواقع القائم یضغط علینا أن تکون المسألة «الطائفیة» والحالة «المصریة» فی رأس قائمة اهتماماتنا.
المسألة الطائفیة لا نعنی بها التعددیة المذهبیة، فهذه التعددیة حالة طبیعیة وإیجابیة ومشروعه، بل نعنی هذا التعصّب المقیت الأعمى الذی یستهدف إلغاء الآخر وتصفیته. وهذا هو وراء ما نشهده من صراع تُسفک فیه الدماء وتُدمّر فیه المنشآت وتُنتهک فیه الأعراض، وهی ظاهرة تخلّف لابدّ للإحیائیین والحضاریین أن یهبّوا لمواجهتها والوقوف بوجهها بمعزل عن انتمائهم المذهبی والقومی.
هذه الحالة تعنی فقدان الأهداف الکبرى وضیاع المقاصد الإسلامیة وخلوّ أرواح الداخلین فی غمار هذا الصراع من العاطفة الإنسانیة والتربیة الإسلامیة وفهم مرامی الشریعة.
إنها تسیر فی اتجاه مضاد تمامًا لأهداف الحضاریین والرسالیین والإسلامیین الحقیقیین.. تسیر فی اتجاه مضاد لوحدة الأمة وعزّتها وکرامتها، وتسیء أیّما إساءة لسمعة المسلمین.
هذا العدد فی ملف الطائفیة یضمّ مقالین هامین الأول: جدلیات الجماعة والأمة فی المجال الشیعی الحدیث والمعاصر. ویستبطن دعوة إلى توجه المذاهب الإسلامیة إلى التفکیر فی إطار الأمة والتحرر من التقوقع فی إطار «جماعة» من الجماعات.
والثانی: بذور التحدیات السیاسیة ودورها فی تأزم العلاقات بین أصحاب المذاهب الإسلامیة المعاصرة، والواقع أن الباحث لا یقصد من کلمة السیاسة بمعناها الحقیقی، إذ إنها تعنی رعایة مصالح الأمة، ولا یمکن أن تکون بهذا المعنى سببًا فی التأزم المذهبی، لکنه یعنی الصراع المصلحی حول الاستیلاء على مراکز القوّة، وهو صراع یعنی عدم تحرر المتصارعین من ذاتیاتهم وأنانیتهم، وعدم تغلیبهم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهو مظهر من مظاهر تخلف المجتمعات. والباحث یتابع تاریخ هذا الصراع الذی جرّ على العالم الإسلامی فقدان فلسطین وتقسیمات سایکس بیکو، ولا یزال یجرّ على المسلمین الویلات والحروب، ومن تلک الحرب الطائفیة.
أما الحالة المصریة فشجعتنا على نشر مقالات:
عن المواقف المتقابلة على الساحة المصریة فی القرن الماضی، وهو یستعرض بدقة ما جرى من مواجهات بین التیار العلمانی والتیار الإسلامی فی مصر، ثم یطرح هذا الاستعراض علینا سؤالاً هو: لماذا تکون الحالة الیوم أسوأ مما مضى،وذلک بأن یتحول الحوار إلى صراع دموی؟ سؤال ینطلق من قلب ینبض بالحبّ لبلد الأزهر الشریف، والبلد الطلیعی فی الفکر والمعرفة والسیاسة والمقاومة.
وعن رجال حضاریین إیرانیین فی مصر، وعن دراسات إیرانیة فی مصر. وتعید إلى الأذهان وحدة الدائرة الحضاریة لأمتنا حتى عصر قریب منا، ویستبطن دعوة إلى عودة هذا التلاحم بین مصر وإیران.
وفی العدد أیضًا مقالات أخرى ترتبط بشکل وآخر بالحالة الحضاریة لأمتنا.
نرجو أن تکون هذه المجموعة تصبّ فی تحقیق هدف أمتنا الکبیر فی الإحیاء والاستئناف الحضاری. إن شاء الله تعالى.
التحریر
«ثقافتنا» متخصصة فی دراسة الاستئناف الحضاری لأمتنا الإسلامیة بما یتناسب مع مستوى العصر، إنه هدف إحیائی کبیر، یدفعنا إلى أن نتطلع إلى المستقبل. لکنّ الانشداد إلى المستقبل لا یستطیع أن یشغلنا عن النظر إلى واقعنا بکل سلبیاته وإیجابیاته.
الواقع القائم یضغط علینا أن تکون المسألة «الطائفیة» والحالة «المصریة» فی رأس قائمة اهتماماتنا.
المسألة الطائفیة لا نعنی بها التعددیة المذهبیة، فهذه التعددیة حالة طبیعیة وإیجابیة ومشروعه، بل نعنی هذا التعصّب المقیت الأعمى الذی یستهدف إلغاء الآخر وتصفیته. وهذا هو وراء ما نشهده من صراع تُسفک فیه الدماء وتُدمّر فیه المنشآت وتُنتهک فیه الأعراض، وهی ظاهرة تخلّف لابدّ للإحیائیین والحضاریین أن یهبّوا لمواجهتها والوقوف بوجهها بمعزل عن انتمائهم المذهبی والقومی.
هذه الحالة تعنی فقدان الأهداف الکبرى وضیاع المقاصد الإسلامیة وخلوّ أرواح الداخلین فی غمار هذا الصراع من العاطفة الإنسانیة والتربیة الإسلامیة وفهم مرامی الشریعة.
إنها تسیر فی اتجاه مضاد تمامًا لأهداف الحضاریین والرسالیین والإسلامیین الحقیقیین.. تسیر فی اتجاه مضاد لوحدة الأمة وعزّتها وکرامتها، وتسیء أیّما إساءة لسمعة المسلمین.
هذا العدد فی ملف الطائفیة یضمّ مقالین هامین الأول: جدلیات الجماعة والأمة فی المجال الشیعی الحدیث والمعاصر. ویستبطن دعوة إلى توجه المذاهب الإسلامیة إلى التفکیر فی إطار الأمة والتحرر من التقوقع فی إطار «جماعة» من الجماعات.
والثانی: بذور التحدیات السیاسیة ودورها فی تأزم العلاقات بین أصحاب المذاهب الإسلامیة المعاصرة، والواقع أن الباحث لا یقصد من کلمة السیاسة بمعناها الحقیقی، إذ إنها تعنی رعایة مصالح الأمة، ولا یمکن أن تکون بهذا المعنى سببًا فی التأزم المذهبی، لکنه یعنی الصراع المصلحی حول الاستیلاء على مراکز القوّة، وهو صراع یعنی عدم تحرر المتصارعین من ذاتیاتهم وأنانیتهم، وعدم تغلیبهم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهو مظهر من مظاهر تخلف المجتمعات. والباحث یتابع تاریخ هذا الصراع الذی جرّ على العالم الإسلامی فقدان فلسطین وتقسیمات سایکس بیکو، ولا یزال یجرّ على المسلمین الویلات والحروب، ومن تلک الحرب الطائفیة.
أما الحالة المصریة فشجعتنا على نشر مقالات:
عن المواقف المتقابلة على الساحة المصریة فی القرن الماضی، وهو یستعرض بدقة ما جرى من مواجهات بین التیار العلمانی والتیار الإسلامی فی مصر، ثم یطرح هذا الاستعراض علینا سؤالاً هو: لماذا تکون الحالة الیوم أسوأ مما مضى،وذلک بأن یتحول الحوار إلى صراع دموی؟ سؤال ینطلق من قلب ینبض بالحبّ لبلد الأزهر الشریف، والبلد الطلیعی فی الفکر والمعرفة والسیاسة والمقاومة.
وعن رجال حضاریین إیرانیین فی مصر، وعن دراسات إیرانیة فی مصر. وتعید إلى الأذهان وحدة الدائرة الحضاریة لأمتنا حتى عصر قریب منا، ویستبطن دعوة إلى عودة هذا التلاحم بین مصر وإیران.
وفی العدد أیضًا مقالات أخرى ترتبط بشکل وآخر بالحالة الحضاریة لأمتنا.
نرجو أن تکون هذه المجموعة تصبّ فی تحقیق هدف أمتنا الکبیر فی الإحیاء والاستئناف الحضاری. إن شاء الله تعالى.