أساس التربیة الصوفیة یقوم على تشکیل الشخصیة وتنمیتها وصقلها وتقویتها على أسس سلیمة، قائمة على جعل هذا الإنسان الغارق فی الطین، المخلوق من الحمأ المسنون، إنسانًا أعلى کاملا جدیرًا بالنفخة الإلهیة التی نفخت فی آدم، وورثها هو وأصبح مسؤولاً عنها.. کل التربیة الصوفیة والأخلاق الصوفیة تجعل جلّ همّها محو آثار هذا الطین وتجلیة الروح (النفخة الإلهیة)، ورد الإنسان إلى أصله <مخلوقًا إلهیًا>، لا هو بالمتدنی، ولا بالوضیع، ولا بالجبان، ولا بالهلوع، ولا جاعلا الطین منتهى همّه ومبلغ علمه. هذا الاهتمام المتزاید بتربیة <الطین> وجمع <القمامة> یعنی تحویل هذا العالم الذی نعیش فیه إلى غابة بکل ما فی الغابة من مساوئ، بل وأسوأ، لأن التکاثر هنا والتطاحن موجّه بعقل جزئی لا یرى أبعد من مواطئ القدم، فلا یکون هناک سوى <الجسد> ومطالبه، فإذا شبع انطلق إلى الشذوذ فی الفکر والمسلک، وجرّ المجتمع من بعده إلى حمأة من الرذیلة لا نهایة لها.